کد مطلب:90532 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:149
[صفحه 432] التَّوَامِّ[1]، وَ آلائِهِ الْعِظَامِ. اَلَّذی عَظُمَ حِلْمُهُ فَعَفَا، وَ عَدَلَ فی كُلِّ مَا قَضی، وَ عَلِمَ مَا یَمْضی وَ مَا مَضی. مُبْتَدِعِ[2] الْخَلائِقِ بِعِلْمِهِ، وَ مُنْشِئِهِمْ بِحُكْمِهِ، بِلاَ اقْتِدَاءٍ وَ لاَ تَعْلیمٍ، وَ لاَ احْتِذَاءٍ لِمِثَالِ صَانِعٍ حَكیمٍ، وَ لاَ إِصَابَةِ خَطَأٍ، وَ لاَ حَضْرَةِ مَلأٍ. وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، ابْتَعَثَهُ وَ النَّاسُ یَضْرِبُونَ فی غَمْرَةٍ، وَ یَمُوجُونَ فی حَیْرَةٍ، قَدْ قَادَتْهُمْ أَزِمَّةُ الْحَیْنِ، وَ اسْتَغْلَقَتْ عَلی أَفْئِدَتِهِمْ أَقْفَالُ الرَّیْنِ. أُوصیكُمْ، عِبَادَ اللَّهِ، بِتَقْوَی اللَّهِ، فَإِنَّهَا حَقُّ اللَّهِ عَلَیْكُمْ، وَ الْمُوجِبَةُ عَلَی اللَّهِ حَقَّكُمْ، وَ أَنْ تَسْتَعینُوا عَلَیْهَا بِاللَّهِ، وَ تَسْتَعینُوا بِهَا عَلَی اللَّهِ، فَإِنَّ التَّقْوی فِی الْیَوْمِ الْحِرْزُ وَ الْجُنَّةِ، وَ فی غَدٍ الطَّریقُ إِلَی الْجَنَّةِ. مَسْلَكُهَا وَاضِحٌ، وَ سَالِكُهَا رَابِحٌ، وَ مُسْتَوْدَعُهَا حَافِظٌ، لَمْ تَبْرَحْ عَارِضَةً نَفْسَهَا عَلی الأُمَمِ الْمَاضینَ مِنْكُمْ وَ الْغَابِرینَ لِحَاجَتِهِمْ إِلَیْهَا غَداً، إِذَا أَعَادَ اللَّهُ مَا أَبْدی، وَ أَخَذَ مَا أَعْطی، وَ سَأَلَ عَمَّا أَسْدی، فَمَا أَقَلَّ مَنْ قَبِلَهَا، وَ حَمَلَهَا حَقَّ حَمْلِهَا. أُولئِكَ الأَقَلُّونَ عَدَداً، وَ هُمْ أَهْلُ صِفَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، إِذْ یَقُولُ: وَ قَلیلٌ مِنْ عِبَادِیَ الشَّكُورُ[3]. فَأَهْطِعُوا[4] بِأَسْمَاعِكُمْ إِلَیْهَا، وَ أَلِظُّوا[5] بِجَدِّكُمْ عَلَیْهَا، وَ اعْتَاضُوهَا مِنْ كُلِّ سَلَفٍ خَلَفاً، وَ مِنْ كُلِّ مُخَالِفٍ مُوافِقاً. أَیْقِظُوا بِهَا نَوْمَكُمْ، وَ اقْطَعُوا بِهَا یَوْمَكُمْ، وَ أَشْعِرُوا بِهَا قُلُوبَكُمْ، وَ ارْحَضُوا[6] بِهَا ذُنُوبَكُمْ، وَ دَاوُوا بِهَا الأَسْقَامَ، وَ بَادِرُوا بِهَا الْحِمَامَ. [صفحه 433] وَ اعْتَبِرُوا بِمَنْ أَضَاعَهَا، وَ لاَ یَعْتَبِرَنَّ بِكُمْ مَنْ أَطَاعَهَا. أَلاَ فَصُونُوهَا وَ تَصَوَّنُوا بِهَا، وَ كُونُوا عَنِ الدُّنْیَا نُزَّاهاً، وَ إِلَی الآخِرَةِ وُلاَّهاً. وَ لاَ تَضَعُوا مَنْ رَفَعَتْهُ التَّقْوی، وَ لاَ تَرْفَعُوا مَنْ رَفَعَتْهُ الدُّنْیَا. وَ لاَ تَشیمُوا بَارِقَهَا، وَ لاَ تَسْمَعُوا نَاطِقَهَا، وَ لاَ تُجیبُوا نَاعِقَهَا، وَ لاَ تَسْتَضیئُوا بِإِشْرَاقِهَا، وَ لاَ تُفْتَنُوا بِأَعْلاَقِهَا، فَإِنَّ بَرْقَهَا خَالِبٌ، وَ نُطْقَهَا كَاذِبٌ، وَ أَمْوَالَهَا مَحْرُوبَةٌ[7]، وَ أَعْلاَقَهَا مَسْلُوبَةٌ. أَلاَ وَ إِنَّ الدُّنْیَا لَ[8] هِیَ الْمُتَصَدِّیَةُ الْعَنُونُ، وَ الْجَامِحَةُ الْحَرُونُ، وَ الْمَائِنَةُ[9] الْخَؤُونُ، وَ الْجَحُودُ الْكَنُودُ، وَ الْعَنُودُ الصَّدُودُ، وَ الْحَیُودُ الْمَیُودُ، حَالُهَا انْتِقَالٌ، وَ وَطْأَتُهَا[10] زِلْزَالٌ، وَ عِزُّهَا ذُلُّ، وَجِدُّهَا هَزْلٌ، وَ عُلْوُهَا سُفْلٌ. وَ هِیَ[11] دَارُ حَرَبٍ وَ سَلَبٍ، وَ نَهْبٍ وَ عَطَبٍ. أَهْلُهَا عَلی سَاقٍ وَ سِیَاقٍ، وَ لَحَاقٍ وَ فِرَاقٍ. قَدْ تَحَیَّرَتْ مَذَاهِبُهَا، وَ أَعْجَزَتْ مَهَارِبُهَا، وَ خَابَتْ مَطَالِبُهَا، فَأَسْلَمَتْهُمُ[12] الْمَعَاقِلُ، وَ لَفَظَتْهُمُ الْمَنَازِلُ، وَ أَعْیَتْهُمُ الْمَحَاوِلُ. فَمِنْ نَاجٍ مَعْقُورٍ، وَ لَحْمٍ مَجْزُورٍ، وَ شِلْوٍ مَذْبُوحٍ، وَ دَمٍ مَسْفُوحٍ، وَ عَاضٍّ عَلی یَدَیْهِ، وَ صَافِقٍ بَكَفَّیْهِ، وَ مُرْتَفِقٍ بِخَدَّیْهِ، وَ زَارٍ عَلی رَأْیِهِ، وَ رَاجِعٍ عَنْ عَزْمِهِ، وَ قَدْ أَدْبَرَتِ الْحیلَةُ، وَ أَقْبَلَتِ الْغَیلَةُ، وَ لاَتَ حینَ مَنَاصٍ[13]. هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ، قَدْ فَاتَ مَا فَاتَ، وَ ذَهَبَ مَا ذَهَبَ. وَ مَضَتِ الدُّنْیَا لِحَالِ بَالِهَا، فَمَا بَكَتْ عَلَیْهِمُ السَّمَاءُ وَ الأَرْضُ وَ مَا كَانُوا مُنْظَرینَ[14]. مَعَاشِرَ الْمُسْلِمینَ، إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَ تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ قَدْ دَلَّكُمْ عَلی تِجَارَةٍ تُنْجیكُمْ مِنْ [صفحه 434] عَذَابٍ أَلیمٍ، وَ تُشْفی بِكُمْ عَلَی الْخَیْرِ الْعَظیمِ: إِیمَانٍ[15] بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ بِرَسُولِهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، وَ جِهَادٍ[16] فی سَبیلِهِ[17]، وَ جَعَلَ ثَوَابَهُ مَغْفِرَةَ الذُّنُوبِ[18]، وَ مَسَاكِنَ طَیِّبَةً فی جَنَّاتِ عَدْنٍ، وَ رِضْوَاناً مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ. ثُمَّ أَخْبَرَكُمْ بِالَّذی یَجِبُ عَلَیْكُمْ فی ذَلِكَ، فَقَالَ جَلَّ وَ عَزَّ: إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الَّذینَ یُقَاتِلُونَ فی سَبیلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْیَانٌ مَرْصُوصٌ[19]. أَلاَ فَسَوُّوا صُفُوفَكُمْ كَالْبُنْیَانِ الْمَرْصُوصِ. وَ إِذَا لَقیتُمْ هؤُلاَءِ الْقَوْمِ غَداً فَ[20] لاَ تُقَاتِلُوهُمْ حَتَّی یَبْدَؤُوكُمْ[21]، فَإِنَّكُمْ بِحَمْدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ[22] عَلی حُجَّةٍ، وَ تَرْكُكُمْ إِیَّاهُمْ[23] حَتَّی یَبْدَؤُوكُمْ حُجَّةٌ أُخْری لَكُمْ عَلَیْهِمْ. فَوَ الَّذی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ مَا أَسْلَمُوا، وَ لكِنِ اسْتَسْلَمُوا وَ أَسَرُّوا الْكُفْرَ، فَلَمَّا وَجَدُوا أَعْوَاناً عَلَیْهِ أَظْهَرُوهُ[24] [ وَ ] رَجَعُوا إِلی عَدَاوَتِهِمْ لَنَا، إِلاَّ أَنَّهُمْ لَمْ یَتْرُكُوا الصَّلاَةَ. فَإِذَا بَدَؤُوكُمْ فَانْهِدُوا إِلَیْهِمْ، عِبَادَ اللَّهِ، وَ عَلَیْكُمُ السَّكینَةُ، وَ سیمَا الصَّالِحینَ، وَ وِقَارُ الإِسْلاَمِ. وَ اسْتَقْبِلُوا الْقَوْمَ بِوُجُوهِكُمْ. [صفحه 435] وَ خُذُوا قَوَائِمَ سُیُوفِكُمْ بِأَیْمَانِكُمْ[25]. فَقَدِّمُوا الدَّارِعَ، وَ أَخِّرُوا الْحَاسِرَ. وَ عَضُّوا عَلَی النَّوَاجِذِ مِنَ[26] الأَضْرَاسِ، فَإِنَّهُ أَنْبی لِلسُّیُوفِ عَنِ الْهَامِ. وَ الْتَوُوا فی[27] أَطْرَافِ الرِّمَاحِ، فَإِنَّهُ أَمْوَرُ لِلأَسِنَّةِ. وَ غُضُّوا الأَبْصَارَ، فَإِنَّهُ أَرْبَطُ لِلْجَأْشِ وَ أَسْكَنُ لِلْقُلُوبِ. وَ أَمیتُوا الأَصْوَاتَ[28]، فَإِنَّهُ أَطْرَدُ لِلْفَشَلِ، وَ أَذْهَبُ بِالْوَهْلِ، وَ أَوْلی بِالْوَقَارِ. وَ مُدُّوا جِبَاهَ الْخُیُولِ وَ وُجُوهَ الرِّجَالِ. وَ شُدُّوا شَدَّةَ قَوْمٍ مَوْتُورینَ بِآبَائِهِمْ، وَ بِدِمَاءِ إِخْوَانِهِمْ، حَنِقینَ عَلی عَدُوِّهِمْ. وَ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَی الْمُبَارَزَةِ، وَ الْمُنَازَلَةِ، وَ الْمُنَاضَلَةِ، وَ الْمُبَالَدَةِ، وَ الْمُبَالَطَةِ، وَ الْمُعَانَقَةِ، وَ الْمُكَادَمَةِ، وَ الْمُجَاوَلَةِ وَ الْمُلاَزَمَةِ، لِكَیْلاَ تَذِلُّوا، وَ لاَ یَلْزَمُكُمْ فِی الدُّنْیَا عَارٌ. وَ اثْبُتُوا وَ اذْكُرُوا اللَّهَ كَثیراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَ أَطیعُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ[29]. تَعَاهَدُوا أَمْرَ الصَّلاَةِ، وَ حَافِظُوا عَلَیْهَا، وَ اسْتَكْثِرُوا مِنْهَا، وَ تَقَرَّبُوا بِهَا، فَإِنَّهَا كَانَتْ عَلَی الْمُؤْمِنینَ كِتَاباً مَوْقُوتاً[30]. أَلاَ تَسْمَعُونَ إِلی جَوَابِ أَهْلِ النَّارِ الْكُفَّارِ[31] حینَ سُئِلُوا: مَا سَلَكَكُمْ فی سَقَرٍ[32] ؟ قَالُوا: لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلّینَ[33]. [صفحه 436] وَ إِنَّهَا لَتَحُتُّ الذُّنُوبَ حَتَّ الْوَرَقِ، وَ تُطْلِقُهَا إِطْلاَقَ الرِّبَقِ. وَ شَبَّهَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ بِالْحَمَّةِ تَكُونُ عَلی بَابِ الرَّجُلِ، فَهُوَ یَغْتَسِلُ مِنْهَا فِی الْیَوْمِ وَ اللَّیْلَةِ خَمْسَ مَرَّاتٍ، فَمَا عَسی أَنْ یَبْقی عَلَیْهِ مِنَ الدَّرَنِ؟. وَ قَدْ عَرَفَ حَقَّهَا رِجَالٌ مِنَ الْمُؤْمِنینَ الَّذینَ لاَ تَشْغَلُهُمْ عَنْهَا زینَةُ مَتَاعٍ، وَ لاَ قُرَّةُ عَیْنٍ، مِنْ وَلَدٍ وَ لاَ مَالٍ. یَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: رِجَالٌ لاَ تُلْهیهِمْ تِجَارَةٌ وَ لاَ بَیْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ إِقَامِ الصَّلاَةِ وَ إیتَاءِ الزَّكَاةِ[34]. وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ نَصِباً[35] بِالصَّلاَةِ بَعْدَ التَّبْشیرِ لَهُ بِالْجَنَّةِ مِنْ رَبِّهِ[36]، لِقَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ: وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَیْهَا[37]. فَكَانَ یَأْمُرُ بِهَا أَهْلَهُ، وَ یُصَبِّرُ عَلَیْهَا نَفْسَهُ. ثُمَّ إِنَّ الزَّكَاةَ جُعِلَتْ مَعَ الصَّلاَةِ قُرْبَاناً لأَهْلِ الإِسْلاَمِ عَلی أَهْلِ الإِسْلاَمِ[38]، فَمَنْ أَعْطَاهَا طَیِّبَ النَّفْسِ بِهَا، فَإِنَّهَا تُجْعَلُ لَهُ كَفَّارَةً، وَ مِنَ النَّارِ حِجَازاً[39] وَ وِقَایَةً. فَلاَ یُتْبِعَنَّهَا أَحَدٌ نَفْسَهُ، وَ لاَ یُكْثِرَنَّ عَلَیْهَا لَهَفَهُ، فَإِنَّ مَنْ أَعْطَاهَا غَیْرَ طَیِّبِ النَّفْسِ بِهَا، یَرْجُوبِهَا مِنَ الثَّمَنِ[40] مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهَا، فَهُوَ جَاهِلٌ بِالسُّنَّةِ، مَغْبُونُ الأَجْرِ، ضَالُّ الْعَمَلِ[41]، طَویلُ النَّدَمِ، بِتَرْكِ أَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ الرَّغْبَةِ عَمَّا عَلَیْهِ صَالِحُوا عِبَادِ اللَّهِ، یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ مَنْ یَتَّبِعْ غَیْرَ سَبیلِ الْمُؤْمِنینَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّی[42]. ثُمَّ أَدَاءَ الأَمَانَةِ، فَقَدْ خَابَ وَ خَسِرَ[43] مَنْ لَیْسَ مِنْ أَهْلِهَا وَ ضَلَّ عَمَلُهُ[44]. [صفحه 437] إِنَّهَا عُرِضَتْ عَلَی السَّموَاتِ الْمَبْنِیَّةِ، وَ الأَرَضینَ الْمَدْحُوَّةِ، وَ الْجِبَالِ ذَاتِ الطُّولِ الْمَنْصُوبَةِ، فَلاَ أَطْوَلَ، وَ لاَ أَعْرَضَ، وَ لاَ أَعْلی، وَ لاَ أَعْظَمَ، مِنْهَا، وَ لَوْ اِمْتَنَعَ شَیْ ءٌ بِطُولٍ، أَوْ عَرْضٍ، أَوْ قُوَّةٍ، أَوْ عِزٍّ، لامْتَنَعْنَ، وَ لكِنْ أَشْفَقْنَ مِنَ الْعُقُوبَةِ، وَ عَقَلْنَ مَا جَهِلَ مَنْ هُو أَضْعَفُ مِنْهُنَّ، وَ هُوَ الإِنْسَانُ، إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً[45]. ثُمَّ إِنَّ الْجِهَادَ أَشْرَفُ الأَعْمَالِ بَعْدَ الإِسْلاَمِ[46]، وَ هُوَ قَوَامُ الدّینِ، وَ الأَجْرُ فیهِ عَظیمٌ مَعَ الْعِزَّةِ وَ الْمَنْعَةِ، وَ هُوَ الْكُرْهُ فیهِ الْحَسَنَاتُ وَ الْبُشْری بِالْجَنَّةِ بَعْدَ الشَّهَادَةِ، وَ بِالرِّزْقِ غَداً عِنْدَ الرَّبِّ وَ الْكَرَامَةِ. یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذینَ قُتِلُوا فی سَبیلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْیَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ یُرْزَقُونَ[47]. ثُمَّ إِنَّ الرُّعْبَ وَ الْخَوْفَ مِنْ جِهَادِ الْمُسْتَحِقِّ لِلْجِهَادِ، وَ الْمُتَوَازِرینَ عَلَی الضَّلاَلِ، نَقْضٌ فِی الدّینِ، وَ سَلْبٌ لِلدُّنْیَا مَعَ الذُّلِّ وَ الصَغَارِ، وَ فیهِ اسْتیجَابُ النَّارِ بِالْفِرَارِ مِنَ الزَّحْفِ عِنْدَ حَضْرَةِ الْقِتَالِ. یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: یَا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا إِذَا لَقیتُمُ الَّذینَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ[48]. فَحَافِظُوا عَلی أَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فی هذِهِ الْمَوَاطِنِ الَّتِی الصَّبْرُ عَلَیْهَا كَرَمٌ وَ سَعَادَةٌ، وَ نَجَاةٌ فِی الدُّنْیَا وَ الآخِرَةِ مِنْ فَظیعِ الْهَوْلِ وَ الْمَخَافَةِ. أَیُّهَا النَّاسُ[49]، إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالی لاَ یَخْفی عَلَیْهِ مَا الْعِبَادُ مُقْتَرِفُونَ فی لَیْلِهِمْ وَ نَهَارِهِمْ، لَطُفَ بِهِ خُبْراً، وَ أَحَاطَ بِهِ عِلْماً. أَعْضَاؤُكُمْ شُهُودُهُ، وَ جَوَارِحُكُمْ جُنُودُهُ، وَ ضَمَائِرُكُمْ عُیُونُهُ، وَ خَلَوَاتُكُمْ عَیَانُهُ، وَ كُلُّ ذَلِكَ فی كِتَابٍ لاَ یَضِلُّ رَبّی وَ لاَ یَنْسی[50]. [صفحه 438] فَاصْبِرُوا، وَ صَابِرُوا، وَ اسْأَلُوا [ اللَّهَ ] النَّصْرَ، وَ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَی الْقِتَالِ، وَ اتَّقُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذینَ اتَّقَوْا وَ الَّذینَ هُمْ مُحْسِنُونَ[51]. وَ لاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَ تَذْهَبَ ریحُكُمْ وَ اصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرینَ[52]. وَ رَایَتَكُمْ[53] فَلاَ تُمیلُوهَا وَ لاَ تُخَلُّوهَا، وَ لاَ تُزیلُوهَا[54]، وَ لاَ تَجْعَلُوهَا إِلاَّ بِأَیْدی[55] شُجْعَانِكُمْ، وَ الْمَانِعینَ الذِّمَارَ مِنْكُمْ، فَإِنَّ الصَّابِرینَ عَلی نُزُولِ الْحَقَائِقِ هُمُ أَهْلُ الْحِفَاظِ[56] الَّذینَ یَحُفُّونَ بِرَایَاتِهِمْ، وَ یَكْتَنِفُونَهَا، وَ یَضْرِبُونَ[57] حِفَافَیْهَا، وَ وَرَاءَهَا، وَ أَمَامَهَا، وَ لاَ یُضَیِّعُونَهَا[58]. لاَ یَتَأَخَّرُونَ عَنْهَا فَیُسْلِمُوهَا، وَ لاَ یَتَقَدَّمُونَ عَلَیْهَا فَیُفْرِدُوهَا. عِبَادَ اللَّهِ، انْهَدُوا إِلی هؤُلاَءِ الْقَوْمِ مُنْشَرِحَةً صُدُورُكُمْ بِقِتَالِهِمْ، فَإِنَّهُمْ نَكَثُوا بَیْعَتی، وَ قَتَلُوا شیعَتی، وَ نَكَّلُوا بِابْنِ حُنَیْفٍ عَامِلی، وَ أَخْرَجُوهُ مِنَ الْبَصْرَةِ بَعْدَ أَنْ آلَمُوهُ بِالضَّرْبِ الْمُبَرِّحِ وَ الْعُقُوبَةِ الشَّدیدَةِ، وَ هُوَ شَیْخٌ مِنْ وُجُوهِ الأَنْصَارِ وَ الْفُضَلاَءِ، وَ لَمْ یَرْعَوْا لَهُ حُرْمَةً. وَ قَتَلُوا السَّبَابَجَةَ. وَ مَثَّلُوا بِحُكَیْمِ بْنِ جَبَلَةِ الْعَبْدیَّ ظُلْماً وَ عُدْوَاناً، لِغَضَبِهِ للَّهِ تَعَالی. وَ قَتَلُوا رِجَالاً صَالِحینَ [ مِنْ ] شیعَتی بَعْدَمَا ضَرَبُوهُمْ، ثُمَّ تَتَبَّعُوا مَنْ نَجَا مِنْهُمْ، یَأْخَذُوَنَهُمْ فی كُلِّ عَابِیَةٍ، وَ تَحْتَ كُلِّ رَابِیَةٍ، ثُمَّ یَأْتُونَ بِهِمْ فَیَضْرِبُونَ رِقَابَهُمْ صَبْراً. [صفحه 439] مَا لَهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّی یُؤْفَكُونَ[59] ؟. فَانْهَدُوا إِلَیْهِمْ، عِبَادَ اللَّهِ، وَ كُونُوا أَشِدَّاءَ عَلَیْهِمْ، فَإِنَّهُمْ شِرَارٌ، وَ مُسَاعِدُهُمْ عَلَی الْبَاطِلِ شَرَّارٌ. فَالْقُوهُمْ صَابِرینَ مُحْتَسِبینَ، مُوَطِّنینَ أَنْفُسَكُمْ أَنَّكُمْ مُنَازِلُوهُمْ وَ مُقَاتِلُوهُمْ. وَ إِذَا حَمَلْتُمْ فَافْعَلُوا فِعْلَ رَجُلٍ وَاحِدٍ[60]، وَ اعْطُوا السُّیُوفَ حُقُوقَهَا، وَ وَطِّئُوا لِلْجُنُوبِ مَصَارِعَهَا، وَ أَذْمِرُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَی الطَّعْنِ الدِّعْسِیِّ، وَ الضَّرْبِ الطِّلَحْفِیِّ، فَالنَّجَاةُ لِلْمُقْتَحِمِ، وَ الْهَلَكَةُ لِلْمُتَلَوِّمِ. وَ عَلَیْكُمْ بِالتَّحَامی فَإِنَّ الْحَرْبَ سِجَالٌ[61]. لاَ تَشْتَدَّنَّ عَلَیْكُمْ فَرَّةٌ بَعْدَهَا كَرَّةٌ، وَ لاَ جَوْلَةٌ بَعْدَهَا حَمْلَةٌ. وَ مَنْ أَلْقی إِلَیْكُمُ السَّلاَمَ فَاقْبَلُوا مِنْهُ. وَ اسْتَعینُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاَةِ[62]، وَ الصِّدْقِ فِی النِّیَّةِ، فَإِنَّ بَعْدَ الصَّبْرِ یَنْزِلُ النَّصْرُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّ الأَرْضَ للَّهِ یُورِثُهَا مَنْ یَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَ الْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقینَ[63]. أَیُّهَا النَّاسُ[64]، فَإِذَا كَانَتِ الْهَزیمَةُ[65]، بِإِذْنِ اللَّهِ، فَلاَ تَقْتُلُوا[66] مُدْبِراً، وَ لاَ تُصیبُوا مُعْوِراً، وَ لاَ تَتْبَعُوا مُوَلِّیاً، وَ لاَ تَقْتُلُوا أَسیراً[67]، وَ لاَ تُجْهِزُوا عَلی جَریحٍ، وَ لاَ تَكْشِفُوا عَوْرَةً، وَ لاَ تُمَثِّلُوا بِقَتیلٍ. وَ إِذَا وَصَلْتُمْ إِلی رِحَالِ الْقَوْمِ فَلاَ تَهْتِكُوا سِتْراً، وَ لاَ تَدْخُلُوا دَاراً إِلاَّ بِإِذْنی[68]. [صفحه 440] وَ لاَ تَقْرَبُوا شَیْئاً مِنْ أَمْوَالِهِمْ إِلاَّ مَا أَصَبْتُمُوهُ فی عَسْكَرِهِمْ مِنْ سِلاَحٍ أَوْ كُرَاعٍ، أَوْ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ. وَ مَا كَانَ مِنْ مَالٍ فی أَهْلیهِمْ فَهُوَ میرَاثٌ لِوَرَثَتِهِمْ عَلی كِتَابِ اللَّهِ، وَ عَلی نِسَائِهِمُ الْعِدَّةُ[69]. وَ لاَ تُهَیِّجُوا النِّسَاءَ[70] بِأَذیً، وَ إِنْ شَتَمْنَ أَعْرَاضَكُمْ، وَ سَبَبْنَ أُمَرَاءَكُمْ، وَ سَفَّهْنَ صُلَحَاءَكُمْ[71]، فَإِنَّهُنَّ ضَعیفَاتُ الْقُوی وَ الأَنْفُسِ وَ الْعُقُولِ. وَ لَقَدْ[72] كُنَّا لَنْؤْمَرُ بِالْكَفِّ عَنْهُنَّ وَ إِنَّهُنَّ لَمُشْرِكَاتٌ. وَ إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَیَتَنَاوَلُ الْمَرْأَةَ فِی الْجَاهِلِیَّةِ بِالْفَهْرِ أَوِ الْهَرَاوَةِ فَیُعَیَّرُ بِهَا وَ عَقِبُهُ مِنْ بَعْدِهِ. فَلاَ یَبْلَغُنی عَنْ أَحَدٍ عَرَّضَ لامْرَأَةٍ فَأُنَكِّلُ بِهِ شِرَارَ النَّاسِ[73]. وَ أَیُّ امْرِئٍ مِنْكُمْ أَحَسَّ مِنْ نَفْسِهِ رَبَاطَةَ جَأْشٍ عِنْدَ الْفَزَعِ، وَ شَجَاعَةً، وَ إِقْدَاماً، وَ صَبْراً[74]، عِنْدَ اللِّقَاءِ، فَلاَ یُبْطِرَنَّهُ، وَ لاَ أَنَّ لَهُ فَضْلاً عَلی مَنْ دُونَهُ[75]. وَ إِنْ[76] رَأی مِنْ أَحَدٍ مِنْ إِخْوَانِهِ فَشَلاً أَوْ وَهْناً[77]، فَلْیَذُبَّ عَنْ أَخیهِ بِفَضْلِ نَجْدَتِهِ الَّتی فُضِّلَ بِهَا عَلَیْهِ، كَمَا یَذُبُّ عَنْ نَفْسِهِ، فَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُ مِثْلَهُ. وَ هلاَّ[78] اجْزَأَ امْرُؤٌ مُسْلِمٌ مِنْكُمْ[79] قِرْنَهُ، وَ وَاسی أَخَاهُ بِنَفْسِهِ، وَ لَمْ یَكِلْ قِرْنَهُ إِلی أَخیهِ، [صفحه 441] فَیَجْتَمِعُ عَلَیْهِ قِرْنُهُ وَ قِرْنُ أَخیهِ، فَیَكْتَسِبَ بِذَلِكَ اللاَّئِمَةَ، وَ یَأْتی بِدَنَاءَةٍ. وَ أَنَّی هذَا، وَ كَیْفَ لاَ یَكُونُ هكَذَا، وَ هُوَ یُقَابِلُ اثْنَیْنِ، وَ هذَا مُمْسِكٌ یَدَهُ قَدْ خَلَّی قِرْنَهُ عَلی[80] أَخیهِ هَارِباً مِنْهُ، أَوْ قَائِماً یَنْظُرُ إِلَیْهِ. فَمَنْ یَفْعَلْ هذَا یَمْقُتُهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ. فَلاَ تَعَرَّضُوا لِمَقْتِ اللَّهِ سُبْحَانَهْ، وَ لاَ تَفِرُّوا مِنَ الْمَوْتِ، فَإِنَّمَا مَرَدُّكُمْ إِلَی اللَّهِ. وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِقَوْمٍ عَابَهُمْ: لَنْ یَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَ إِذاً لاَ تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلیلاً[81]. اَللَّهُمَّ أَلْهِمْهُمُ الصَّبْرَ، وَ أَنْزِلْ عَلَیْهِمُ النَّصْرَ، وَ أَعْظِمْ لَهُمُ الأَجْرَ[82].
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ اَلْحَمْدُ للَّهِ الْفَاشی فِی الْخَلْقِ حَمْدُهُ، وَ الْغَالِبِ جُنْدُهُ، وَ الْمُتَعَالی جَدُّهُ، أَحْمَدُهُ عَلی نِعَمِهِ
صفحه 432، 433، 434، 435، 436، 437، 438، 439، 440، 441.
و منهاج البراعة ج 8 ص 165. و نهج السعادة ج 2 ص 148 و 343. و نهج البلاغة الثانی ص 155. باختلاف بین المصادر. و البدایة و النهایة ج 7 ص 274. و البحار ( مجلد قدیم ) ج 8 ص 472. و منهاج البراعة ج 5 ص 43 و ج 8 ص 165 و ج 18 ص 126. و نهج السعادة ج 2 ص 159 و 162 و 199، و ج 8 ص 344. باختلاف بین المصادر. باختلاف بین المصادر. و نهج السعادة ج 2 ص 162 و 199. و شرح ابن أبی الحدید ج 4 ص 26 و ج 6 ص 288. و منهاج البراعة ج 8 ص 165 و ج 18 ص 126. و نهج السعادة ج 1 ص 328 و ج 8 ص 346. باختلاف بین المصادر.